
الحمد لله الذي ختم الرسالات
بالإسلام والرسل بمحمد صلى الله عليه وسلم
وختم الكتب بالقرآن الكريم وجعل العربية لسان هذا الدين الكريم
فإنّ العربية اليوم تلتمسها الشعوب
الإسلامية وتحرص على تعلمها لارتباطها بدينها وعبادتها. وعرفنا أنّ الإسلام عبارة
عن عقيدة وشريعة (عبادة) فلا يتم فهمها وأدائها وتدبرها إلا باللغة العربية. لذا
على كل مسلم أن يجدّ ويجتهد فى تعلمها حتى يشعر عظمة الله عند أدائه العبادات
بفهمها
وقد انتقى الله عزّ وجلّ اللسان العربي
لحمل الرسالة الخاتمة الشاملة الناصعة ونص على عربية الكتاب فى آيات عديدة (وهذا
لسان عربي مبين) إنّا نزّلناه قرآنا عربيا لعلّكم تعقلون)
و من خواصه أن ألفاظه عربية
ولا شكّ أن اللغة العربية عنصر أساسي
وتعمق العلوم الدينية إضافة إلى أنّ معظم مصنفات العلماء تكتب بالعربية
وقد اعتنت الأمة الإسلامية فى سابق
عهدها بالسان العربي. يبذلون كل الاجتهاد فى تعلّمها وتعمّقها وتدبّرها لامجرد
وسيلة حمل الرسالة. وسارت الأمة على ذلك فكان لها العز والتمكين.
وفى هذا العصر اهتمّ كثير من العرب
والمسلمين بتعليم اللغة العربية وتعليمها. وعنايتهم له أسباب كثيرة نوجزها فيما
يلى: (انظر السلسلة فى تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها: العربية بين يديك)
إنّ اللغة العربية مِن الدين. قال إبن
تيمية رحمه الله: معلوم أن تعلّم العربية وتعليم العربية فرض على الكفاية. وقال
أيضا إنّ اللغة العربية مَن الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإنّ فهم الكتاب والسنة
فرض، ولايفهم إلا باللغة العربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
معرفتها تحمى من الوقوع فى الشبه
والبدع. قال الشافعي رحمه الله: ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب
وميلهم إلى لسان أرسططاليس. وقال أيضا: لا يعلم من إيضاح جمل علم الكتاب أحد، جهل
سعة لسان العرب وكثرة وجوهه وجماع معانيه وتفوقها ومن علمها انتفت عنه الشبه التى
دخلت على من جهل لسانها) وقال السيوطي رحمه الله: وقد وجدت السلف قبل الشافعى
أشاروا إلى ما أشار إليه من أن سبب الابتداع الجهل بلسان العرب.
معرفة اللغة العربية سبب من أسباب
التيسير كما قال تعالى : فإنما يسّرناه بلسانك لعلهم يتذكرون (الدخان : 58)
اللغة العربية من أقوى الروابط بين
المسلمين. والأمم تحرص على تعليم لغاتها لتقرّب المتعلمين إليها، فالشابهة فى
الظاهر من اللغة تورث المشابهة فى الباطن ومنه قضايا الثقافة والعقائد
تعليم العربية من أهم الوسائل لعرض
الثقافات الإسلامية فاللغات تحمل ثقافة أصحابها
بناء على هذه الأسباب، الواجب علينا أن
نبذل كل البذل فى تعلمها وتعمقها حتى نشعر حلاوتها كما أشار إليها علماء السلف
الصالح مع استحضار النية الصادقة فى تعلمها. لأن العلم يأبى مَن يطلبه لغير الله.
قال مأمار رحمه الله "إن الرجل يطلب
العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكون لله". وقال الإمام السفيان الثوري رحمه الله "ما
عالجت شيئا أشد علىّ من نيتى إنها تقلب علىّ".
فهذا مما ينبغى على كل طالب أن يستحضر
النية الصادقة وأن يلاعج الأدواء الشائعة فى طلب العلم.
والله الهادى إلى سواء
السبيل، وصلّى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والله ولي التوفيق.